إحداث توازن عالمي لتحقيق التنمية والإستقرار يُهيمن على أشغال (مُنتدى الدوحة) في جلسته الافتتاحيّة
و.م.ع
14.05.2014
مجلة منارة
(إعداد: عمر شليح)
الدوحة /14مايو 2014
هيمنت إشكاليّة إحداث توازن عالمي يفضي إلى تحقيق التنمية المُستدامة والسلام والإستقرار في ربوع المعمورعلى أشغال الجلسة الافتتاحيّة لمُنتدى الدوحة في نسخته الرابعة عشر التي انطلقت مساء أمس الثلاثاء تحت شعار "رؤى حول الاستقرار العالمي.. الاستراتيجي والاقتصادي والتنموي" بمُشاركة حوالي 200 شخصيّة سياسيّة واقتصاديّة وفكريّة ورؤساء حكومات ودول سابقين وحاليين من 80 دولة.
وفي هذا الإطار توقف أمادو بودو، نائب رئيسة جُمهوريّة الأرجنتين ،عند الآثار السلبيّة للأزمة الماليّة العالميّة التي هزت العالم قبل خمس سنوات وما أعقبها من جهود لمعالجة تداعياتها، مبرزا في هذا السياق الرفض الذي قوبلت به الأجندات التنموية الجديدة على الساحة العالميّة على اعتبار أنه لا يمكن تطبيق نموذج نجاح بعينه على كل البلدان، قائلاً "فهناك حلول نجحت في أماكن وفشلت في أماكن أخرى". وأشار إلى أن الأزمة الماليّة دفعت بلدان العالم نحو تحسين أوضاعها الاقتصاديّة والاجتماعيّة وبالتالي مُعالجة الحالات المُرتبطة بعدم المُساواة في هذه المجالات وتحقيق الإستدامة التنموية وتوفير فرص العمل للمُواطنين، مُشيراً إلى أنه رغم صرف أموال طائلة إلا أن كثيراً من مُواطني العالم غير قادرين على العيش حتى عند المُستوى الأدنى لذلك ،لأن الأزمة قد زادت من البطالة والمجاعة وأفقدت الكثير الأمل في الانظمة الاقتصاديّة والمعرفة والإبتكار. ويرى بودو أن دور الدولة جوهري في تجاوز هذه الأزمات من خلال قدرتها على توزيع رؤوس الاموال والسلع والخدمات ودعم القطاعات الاقتصاديّة بطريقة عادلة، مُشدّداً على الحاجة الماسة إلى اعتماد نظام عالمي عادل يسود فيه التفاهم بين دول الشمال والجنوب ويتحقق فيه السلام والنمو وتوزيع الثروات بصورة عادلة بين الدول وداخل الدولة الواحدة.
من جانبه، تطرّق عبد الرحمن الصادق المهدي مُساعد رئيس جُمهوريّة السودان في كلمته لمنهجيّة مُواجهة الأزمات العالميّة بشكل عام وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، حيث دعا في هذا السياق إلى "الاتفاق على وثيقة فكريّة وإيجاد آلية حكماء لمُواجهة المُشكلات في المنطقة العربيّة والسعي لفرض نظام عالمي أكثر عدلاً وتوازناً وبعيداً عن سياسات الهيمنة الدوليّة".
واستعرض الصادق المهدي في هذا السياق عوامل الوحدة الكثيرة التي يُمكن استغلالها للتأسيس لحكامة عالميّة وحدويّة من قبيل ثورة الاتصالات والمعلومات وغيرها من العوامل التكنولوجيّة والاقتصاديّة والطبيعيّة، مُحذّراً من أن عوامل التبايُن، وفي مُقدّمتها التفاوت التنموي بينها وتباين العقائد الدينيّة والتبايُن الحضاري، يمكن أن تعصف بهذه الحكامة بل قد تغذي استقطابات حادة تدفع العالم في اتجاه حروب باردة ومُعلنة.
وأكد مُساعد الرئيس السوداني حاجة الشرق الأوسط لتشخيص موضوعي لما يُواجهه من مُشكلات وأزمات والاتفاق على حلول تضمن له الاستقرار، مُحذّراً من أن التقاطعات المذهبيّة والطائفيّة والاجتماعيّة التي تشهدها المنطقة حالياً قد تشكل مُقدّمات لمُواجهات تتجاوز الحرب الباردة إلى "الساخنة" داخل البلدان وفيما بينها.
من جانبه لاحظ رجب كمال ميداني رئيس ألبانيا السابق أن العالم يعود مُجدّداً إلى حقبة الحرب الباردة خاصة مع التطوّرات التي تشهدها حالياً أوروبا الشرقيّة، مُشدّداً على أن السبيل في تجاوز هذا الواقع يكمن في إزالة الحواجز وبناء الجسور بين الدول وتصدير التكنولوجيا وإنهاء مُحاولات العزل الاجتماعي والسياسي للدول والتمييز الاجتماعي واحترام التنوع الثقافي للإثنيّات المُختلفة والعمل على إنهاء الصراعات وحالات الدمار وسفك الدماء. واعتبر ميداني أن الصراع العربي - الإسرائيلي المُتواصل له تأثيرات قد تتعدّى منطقة الشرق الأوسط إلى العالم بأسره ممّا يترتب عنه زعزعة الإستقرار الإقليمي وإحداث شرخ على صعيد السياسة العالميّة. بدوره، سجّل دومينيك دوفيلبان رئيس وزراء فرنسا الأسبق أن العالم " يعيش حالياً حالة عدم استقرار وأن أيّ شرارة من الممكن أن تشعل الحرب"، ضارباً المثال لما يحدث في المنطقة العربيّة من ثورات، وكذلك ما يحدث في أفريقيا من صدامات دمويّة تغذّيها النزعات الإثنيّة. وأضاف قائلاً "إننا نعيش أزمة اقتصاديّة وتوترات، وحالات عدم توازن مُثقلة بالديون تخلق فقاعات إقليميّة".
وأبرز أن حالة "عدم الإستقرار تعود للفائض في القوّة"، مُوضّحاً أن التدخل العسكري في العراق وفشل الغرب أدّى لمزيد من العنف لأن كل فعل له ردّ فعل، مُعتبراً أن من أسباب حالة عدم الإستقرار الفائض في الإيدولوجيّات الذي أدّى إلى "تأجيج التعصّب إذ ليس من الصدفة أن يتهاوى ويتفكك العالم كما في العراق وأوكرانيا وأوروبا وغيرها من الدول". وبعد أن أشار إلى أن من أسباب عدم الاستقرار وجود نظام نقدي يعتمد على عملة وطنيّة شبه عالميّة لدولة واحدة بسبب تمسّك البعض بمصالحه وعدم استحداث نظام سلة عملات كمرجعيّة جديدة ، شدّد دوفيلبان أن العالم بحاجة لمزيد من التنوّع لأنظمة جديدة ذات معايير عالميّة تكرس واقع الإستقرار الذي ليس هدفاً في حدّ ذاته بل التزام، وإيجاد مُعادلات جديدة كمدخل للمُضي قدماً نحو الحوار والسلام في العالم.
وكما في كل عام، سيقوم مُنتدى الدوحة بتقديم نظرة شاملة للقضايا الساخنة المتعلقة بالديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة في الشرق الأوسط، وفي الدول العربية والعالم. وعلى نطاق أوسع، سيناقش هذا المُنتدى الدولي مسائل مصيرية سياسية واقتصادية واجتماعية ومالية وأمنية واستراتيجية وبشرية في منطقة تشهد بعضاً من أهم التغييرات في تاريخها المعاصر
ضيوف شرف هذا العام هم نخبة متميّزة من رؤساء الدول والحكومات الحاليين. كما يتضمّن المُنتدى لفيفاً من قادة الرأي العالمي البارزين والمفكرين السياسيين وصنّاع القرار وأعضاء البرلمان ورجال الأعمال والأكاديميين والإعلاميين والخبراء، فضلاً عن ممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية، الذين سيُساهمون في النقاش الحرّ العلمي والمثير حول العديد من المواضيع المدرجة على جدول أعمال المنتدى، مع التركيز على ما بعد الربيع العربي وتحدّيات المستقبل والأزمة المالية والاقتصادية العالمية، والتعاون الدولي، وبناء الديمقراطيّة، والاقتصاد العالمي والتنمية، وحقوق الإنسان، والإعلام الرقمي
ويعقد منتدى الدوحة في فندق الريتز كارلتون الدوحة في دولة قطر في الفترة من 20-22 مايو 2013م، يشارك فيه حوالي 600 شخصية يمثلون أكثر من 80 بلداً ومنظمة