أخبار

سمو الأمير يفتتح مُنتدى الدوحة ومُؤتمر إثراء المُستقبل

   

 

قنا – الدوحة في 12 مايو

 

 

تفضّل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدّى فشمل برعايته الكريمة افتتاح مُنتدى الدوحة ومُؤتمر إثراء المُستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط بحضور عدد من أصحاب الفخامة والسعادة كبار المسؤولين رؤساء الوفود المُشاركين، وذلك بفندق الريتز كارلتون مساء اليوم.


حضر الافتتاح معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخليّة وعدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسيّة المُعتمدين لدى الدولة.


وأكّد سعادة الدكتور خالد بن محمّد العطيّة وزير الخارجيّة أن غياب الحلّ العادل والشامل للقضيّة الفلسطينيّة يُهدّد بما لا يدع مجالاً للشك كافة مُحاولات السعي نحو تحقيق وترسيخ الإستقرار والأمن في المنطقة.


وقال سعادته "يظلّ التحدّي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط ما تواجهه عمليّة السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل من صُعوبات وعقبات يصعب بل يستحيل معها تحقيق السلام العادل والإستقرار المنشود في المنطقة إلا عبر التزام إسرائيل بأسس ومبادئ عمليّة السلام وفقاً لقرارات الشرعيّة الدوليّة من خلال حلّ الدولتين الذي توافق عليه المُجتمع الدولي".
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سعادته خلال افتتاح مُنتدى الدوحة الرابع عشر ومُؤتمر إثراء المُستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط تحت شعار "رؤى حول الإستقرار العالمي الاستراتيجي الاقتصادي  التنموي".


وأكد وزير الخارجيّة في كلمته أنه على إسرائيل مُراجعة قرارها بوقف المُفاوضات وفرض عُقوبات إضافيّة على الفلسطينيين وأن تدرك مخاطر ضياع فرصة تحقيق السلام، داعياً سعادته المُجتمع الدولي والولايات المُتحدة بشكل خاص إلى مُواصلة جهودهم لتحقيق عمليّة السلام حتى لا يتفاقم العُنف والصراع في المنطقة وتنعكس تداعياته الخطيرة على السلم والإستقرار العالمي.
وأشار سعادة الدكتور العطيّة إلى أنه في ظلّ غياب السلطة العالميّة الفعّالة التي تحقق الشرعيّة الدوليّة بمفهومها الصحيح ووِفق منهج ديمُقراطي سليم لا يزال النظام الدولي يُعاني من ازدواجيّة المعايير، مُضيفاً أنه على الرغم من ذلك فلا يجب التخلي عن الشرعيّة الدوليّة بمفهومها الصحيح ويتعيّن على المُجتمع الدولي العمل الجاد على إصلاح النظام العالمي وتجنب الانتقائيّة وازدواجيّة المعايير في تنفيذ القانون الدولي وقرارات الشرعيّة حتى يسود العالم الإستقرار والأمن والسلام.


ونبّه سعادته إلى أن تحقيق الإستقرار والأمن الجماعي يتطلبان التزام القوى الفاعلة في المُجتمع الدولي بالشرعيّة الدوليّة وتحمّل المسؤوليّة الأخلاقيّة والقانونيّة لتحقيق إرادة الشعوب وتطلعاتها المشروعة في الإستقرار والأمن والحُرّية والتغيير.
وفي هذا الإطار أكد وزير الخارجيّة أن الكارثة الإنسانيّة التي يُعاني منها الشعب السوري الشقيق من جرائم الإبادة والقتل والتشريد وتدمير المُدن والقرى على يد النظام السوري الحالي تلقي بتأثيرات سلبيّة بل كارثيّة على مُجمل الأوضاع في المنطقة، مُوضّحاً أن استمرار هذه الأزمة حتى الآن يرجع إلى تقاعس المُجتمع الدولي في التعامل الحازم والجاد مع هذه الأزمة من خلال التطبيق غير الصحيح والسليم للقانون الدولي وقواعد الشرعيّة الدوليّة.


وأكد سعادة الدكتور خالد بن محمّد العطيّة وزير الخارجيّة أنه من هذا المُنطلق على المُجتمع الدولي أن يدرك الآن وأكثر من أي وقت مضى ضرورة إنهاء هذه الأزمة بوقف نزيف الدماء والدمار والمُعاناة الإنسانيّة للشعب السوري وتحقيق تطلعاته المشروعة في التغيير والحفاظ على وحدة سوريا.
وقال سعادة وزير الخارجيّة "قد بات لزاماً على مجلس الأمن الآن أن يُباشر مسؤوليّاته ويفرض تنفيذ قراراته بوقف إطلاق النار لحماية الشعب السوري من القتل والتشريد في ظلّ استخدام النظام السوري الحالي للغازات السامة في تحدّي وانتهاك صارخ لإرادة المُجتمع الدولي وللقوانين الدوليّة".


وأوضح أن الشعوب العربيّة التي قدّمت أرواحها وما زالت من أجل الحُرّية والكرامة والحكم الرشيد تتطلع إلى ضرورة استمرار عمليّات الإصلاح التي تمّ البدء فيها لمُواجهة ما تأتي به الثورات من عوارض جانبيّة أو آثار سلبيّة من أجل بناء مُستقبل تتحقق فيه طموحات الشعوب في حياة أفضل، مُؤكداً أنه يتعيّن تحقيق التوازن بين تطلعات الشعوب في الأمن والإستقرار والتحوّل الديمُقراطي عبر احترام مُقوّمات الشرعيّة والعدالة وتعميق قيم الحوار والتسامح، وعدم الإقصاء الطائفي أو السياسي وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان باعتبار أن هذه المبادئ تعكس أهدافاً سامية يسعى إليها الجميع.


كما أشار وزير الخارجيّة إلى أن العالم لا يزال يبحث عن إمكانات تحفيز النمو الاقتصادي وتحسين مُعدّلاته، كمدخل لتحقيق العدالة الاجتماعيّة وتوفير الإستقرار الذي تطلع إليه الشعوب، مُضيفاً أن تحقيق الإستقرار الاقتصادي أو التنموي في منطقة الشرق الأوسط سينعكس بحكم العلاقة التبادليّة بين اقتصادات الدول المُختلفة على الاقتصاد العالمي ولا يُمكن تحقيق الإستقرار الاقتصادي بمعزل عن الإستقرار السياسي.
وفي هذا الإطار أكد سعادة الدكتور العطيّة أنه يتعيّن مُواجهة تحدّيات التنمية والإستجابة على نحو فاعل معها لتجاوز مخاطرها وآثارها السلبيّة، التي قد تشكل تهديداً مُباشراً أو غير مُباشراً على الإستقرار السياسي والاجتماعي وبخاصة في الدول الأقل نمواً.
وأضاف سعادته أنه لن يتأتى ذلك إلا من خلال إفساح المجال أمام تعزيز التنمية القطاعيّة المُتوازنة وإيجاد المُؤسّسات الداعمة للنمو والتنمية، مُوضّحاً أن هذا يتطلب بناء اقتصادات تعكس أولويّات الشعوب وتكون أكثر شمولاً لكافة القطاعات وتؤدّي إلى ارتفاع مُستويات المعيشة من خلال زيادة الاهتمام بالتشغيل والتدريب والتعليم والاستثمار والاستخدام الأمثل للطاقات المُتاحة وتحقيق الأمن فالتنمية والأمن مساران لا غنى لأحدهما عن الآخر فهما الخيار الاستراتيجي لضمان رفاه وازدهار الشعوب.


وشدّد وزير الخارجيّة على أن مُواجهة تحدّيات التنمية تشكل مجالاً هاماً وضرورياً للتعاون بين الدول، قائلاً "لذا يتعيّن على المُجتمع الدولي مُعاضدة جهود البلدان الأقلّ نمو لبلوغ أهدافها في التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة ومجالاتها الأخرى وهو ما يتطلب الوفاء بالالتزامات الدوليّة بشأن المُساعدات الإنمائيّة بكافة أشكالها بما يفتح الأمل أمام شعوبها في تحقيق التنمية المُستدامة المنشودة ويدعم جهود الإستقرار في العالم".
وفي هذا السياق أكد سعادته أن دولة قطر لم تأل جهداً في تقديم المُساعدات الإنمائيّة والوفاء بالتزاماتها الدوليّة في هذا الشأن سواء بالنسبة لدول المنطقة أو غيرها من المناطق الأخرى في العالم.


وأضاف سعادة الدكتور العطيّة أنه انطلاقاً من الإيمان الراسخ لدولة قطر تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدّى بأهمّية تهيئة البيئة المُناسبة لتقدّم ورفعة المُواطن القطري بتغليب مصلحته وتعظيم منفعته وتلبية تطلعاته في شتى المجالات فقد جعلت الدولة تحقيق الإستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مُقدّمة أولويّاتها ممّا أسهم في ترسيخ أسس وأركان الدولة الحديثة في إطار الدستور وسيادة القانون واحترام كافة حقوق الإنسان وتحقيق الإستقرار في شتى النواحي الاقتصاديّة والتنمويّة والاجتماعيّة وغيرها.
وشدّد على أن دولة قطر تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدّى ستواصل السير في هذا النهج بإذن الله من أجل تحقيق الرخاء والرفاهيّة والتنمية المُستدامة لصالح الشعب القطري عبر رؤية قطر 2030 والخطط الوطنيّة الاستراتيجيّة ذات الصلة.


وفيما يتعلق بانعقاد مُنتدى الدوحة الرابع عشر ومُؤتمر إثراء المُستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، قال سعادته "نحن ندرك أهمّية القضايا والموضوعات التي حوتها محاور هذا المُنتدى بالنظر إلى المُتغيّرات السياسيّة التي يعيشها العالم في الوقت الراهن لذا فإننا ننظر إلى النتائج التي ستتمخّض عنها مُناقشاتكم بقدر كبير من العناية لتحقيق الهدف المنشود من هذا المُنتدى".
وأكد أن اختيار شعار "رؤى حول الإستقرار العالمي الاستراتيجي  الاقتصادي  التنموي" للمُؤتمر له العديد من الدلات الهامة في ظلّ التحوّلات والتغيّرات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وبخاصة المنطقة العربيّة خلال السنوات الثلاث الماضية، وما تزال وقد صاحبت هذه التحوّلات تحدّيات وتداعيات أضحت تشكل تهديداً على الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط والإستقرار العالمي في شتى المجالات الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة والأمنيّة والتنمويّة.


وتحدّث في الجلسة الافتتاحيّة ضيوف شرف المُنتدى وهم سعادة السيّد أمادو بودو نائب رئيسة جُمهوريّة الأرجنتين وسعادة السيّد عبد الرحمن الصادق المهدي مُساعد رئيس جُمهوريّة السودان وفخامة السيّد رجب كمال ميداني رئيس جُمهوريّة ألبانيا السابق وسعادة السيّد دومينيك دو فيلبان رئيس وزراء جُمهوريّة فرنسا السابق.  


وتوجّه هؤلاء المُتحدّثون بوافر الشكر والامتنان لدولة قطر أميراً وحكومة وشعباً، لاستضافتها هذا المُنتدى الحيوي الهام الذي أصبح منصّة عصريّة لبحث ومُناقشة الكثير من القضايا السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة في إطار منظومة إصلاح شاملة تؤدّي إلى إحداث توازن عالمي يفضي بدوره إلى تحقيق التنمية والسلام والإستقرار في ربوع العالم.


واستعرض سعادة السيّد أمادو بودو الآثار السلبيّة للأزمة الماليّة العالميّة التي هزّت العالم قبل خمس سنوات وما أعقبها من جهود لمُعالجة تداعياتها حيث تمّ رفض أجندة تنمويّة جديدة على الساحة العالميّة تناسب جميع الدول خاصة أنه لا يُمكن تطبيق نموذج نجاح بعينه على كل البلدان "فهناك حلول نجحت في أماكن وفشلت في أماكن أخرى".


وأشار إلى ان الأزمة الماليّة دفعت بلدان العالم نحو تحسين أوضاعها الاقتصاديّة والاجتماعيّة وبالتالي مُعالجة الحالات المُرتبطة بعدم المُساواة في هذه المجالات وتحقيق الاستدامة التنمويّة وتوفير فرص العمل للمُواطنين..لافتاً إلى أنه رغم صرف أموال طائلة إلا أن كثيراً من مُواطني العالم غير قادرين على العيش حتى عند المُستوى الأدنى لذلك لأن الازمة قد زادت من البطالة والمجاعة وأفقدت الكثير الأمل في الانظمة الاقتصاديّة والمعرفة والإبتكار.


ورأى سعادة السيّد أمادو بودو أن دور الدولة جوهري في تجاوز هذه الأزمات لا سيّما في ظلّ عدم قدرة بعض الأسواق العمل بنفسها في هذا الصدد ممّا قد يترتّب عليه ضرر على المُواطنين، مُبيّناً أن الأسواق التي تعمل وفق سياسة حمائيّة محدودة هي الأفضل.


وأكد ضرورة توزيع رؤوس الاموال والسلع والخدمات ودعم القطاعات الاقتصاديّة بطريقة عادلة، كما تطرّق إلى تأثيرات سياسات الاستيراد والتصدير وزيادة الأسعار والهيكلة الماليّة للمُؤسّسات وتأثيرات كل ذلك على توزيع رؤوس الأموال.. مُعتبراً ذلك من أبرز آثار الأزمة الماليّة، حيث يتعيّن على المُؤسّسات والحكومات العمل على تقليص هذه الآثار من خلال نظم اقتصاديّة جديدة.


كما تطرّق في هذا السياق لبعض المخاطر الأيديولوجيّة والأخلاقيّة ومن ذلك وقف المُساعدات في أحلك الظروف التي تحتاج فيها بعض الدول لهذا الدعم ممّا يُؤدّي إلى البطالة وإعاقة المنافع الاقتصاديّة للمُواطنين.


وتحدّث في مواضيع ذات علاقة بمسائل تتصل بالنمو والديون ودور المُوازنات في تعزيز الموارد والدخل القومي، داعياً إلى نظام عالمي عادل يسود فيه التفاهم بين الجميع ويتحقق فيه السلام والنمو وتوزيع الثروات بصورة عادلة بين الدول وداخل الدولة الواحدة.
من جانبه، طرح سعادة السيّد عبد الرحمن الصادق المهدي مُساعد رئيس جُمهوريّة السودان في كلمته خلال الجلسة الافتتاحيّة للمُنتدى رؤيته لمُواجهة التبايُنات والأزمات العالميّة بشكل عام والشرق بشكل خاص.
ودعا في هذا السياق إلى الاتفاق على وثيقة فكريّة وإيجاد آليّة حكماء لمُواجهة المُشكلات في المنطقة العربيّة والسعي لإيجاد نظام عالمي أكثر عدلاً وتوازناً وبعيداً عن سياسات الهيمنة الدوليّة.


وتطرّق سعادته إلى عوامل التوحيد الكثيرة التي يُمكن استغلالها لحوكمة عالميّة وحدويّة أو كونفدراليّة مثل ثورة الاتصالات والمعلومات وغيرها من العوامل التكنولوجيّة والاقتصاديّة والطبيعيّة، وقال "هذه عوامل توحيديّة جاذبة نحو المركز تتطلب وجود حوكمة عالميّة وحدويّة أو كونفدراليّة".
لكنه أشار في الوقت ذاته إلى عوامل التباين التي تحول دون "الحوكمة الاتحاديّة المنشودة" ومنها التفاوت التنموي بينها وتباين العقائد الدينيّة والتباين الحضاري، مُنبّهاً إلى أن عوامل التبايُن هذه يُمكن أن تغذي استقطابات حادة تدفع العالم في اتجاه حروب باردة وساخنة، وقال هذا احتمال خطير في عالم أدّى التطوّر التكنولوجي فيه إلى صناعة أسلحة دمار شامل".


كما نبّه مُساعد رئيس جُمهوريّة السودان في رؤيته التي طرحها خلال الجلسة إلى الفوارق التنمويّة الهائلة في العالم "حيث يحظى 20 بالمئة من سكان العالم بنسبة 80 بالمئة من الدخل العالمي"، مُشيراً في الوقت ذاته إلى التباين بين دول الشمال ودول الجنوب وسياسات الهيمنة التي شكلت دعماً موضوعيّاً لأساليب العُنف".


ورأى أن الخيار الأجدى والأنفع للإنسانيّة هو تحالف القوى المُستنيرة في دول الشمال مع دعاة التغيير بالقوى الناعمة في عالم الجنوب لبناء نظام عالمي أعدل وأفضل وقطع الطريق أمام سياسات الهيمنة وسياسات الإرهاب " وهذا هو الطريق إلى الإستقرار العالمي".
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط أكد سعادة مُساعد الرئيس السوداني حاجة الشرق الأوسط لتشخيص موضوعي لما يُواجهه من مُشكلات وأزمات والاتفاق على حلول تضمن له الإستقرار.


ولفت إلى ثورات الربيع العربي التي أطاحت ببعض حكومات الاستبداد ورأى أنها لم تكن ثورات كاملة "لأن الثورة تعني الإطاحة والاستبدال وتطبيق برنامج ثوري بديل"، غير أنه أوضح أن تلك الثورات بسطت الحُرّيات في أوطانها وكسرت حاجز الخوف وشدّت إليها الشعوب العربيّة الأخرى.
وحذّر المهدي من التقاطعات المذهبيّة والطائفيّة والاجتماعيّة التي تشهدها المنطقة حالياً، وقال "إنها قد تشكل مُقدّمات لمُواجهات تتجاوز الحرب الباردة إلى الساخنة داخل البلدان وفيما بينها"، مُضيفاً أن "هذا المناخ السياسي هو الذي يخلق فوضى ويُعطي فرصاً للغلو والإرهاب".
ورأى أن السبيل الوحيد لمُواجهة هذا الموقف هو الاتفاق على وثيقة فكريّة توافقيّة وإيجاد آليات حُكماء للتحرّك الواسع لإطفاء الحرائق والحيلولة دون انتشارها.


وتابع "المطلوب أن تجسر هذه الوثيقة الهوّة بين أطراف الاستقطاب وهذا يتطلب أن تراجع أطراف الاستقطاب مواقفها النافية للآخر وتتقبّل حُرّية التنافس بضوابطها المشروعة".


وأكد سعادة السيّد عبد الرحمن الصادق المهدي أن من عوامل نجاح هذا المشروع هو تكوين صندوق تنمية استراتيجي يحقق استخدام فوائض الموارد الطبيعية في مُحاربة الفقر والبطالة وتحقيق التنمية المنشودة، مُحذّراً من أن عدم تحقق هذا المشروع سيدفع المنطقة إلى أن تدمّر نفسها بنفسها.


أما فخامة السيّد رجب كمال ميداني رئيس جُمهوريّة ألبانيا السابق فتناول في حديثه تطوّرات الأوضاع في أوروبا الشرقيّة بعد سقوط الشموليّة السياسيّة والعودة مُجدّداً لحقبة الحرب الباردة هناك.


كما تطرّق من ناحية أخرى إلى الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مُنبّهاً إلى أن مخاطر هذه الأزمة وتأثيراتها تتعدّى منطقة الشرق الأوسط إلى العالم بأسره ممّا يترتّب عليه زعزعة الإستقرار الإقليمي وإحداث شرخ على صعيد السياسة العالميّة.
ورأى أن ثورات الربيع العربي شكلت تغييراً حقيقياً في المنطقة يتعيّن النظر إليه والتوقف عنده، مُشيراً في هذا الصدد إلى التحوّل الديمقراطي في العالم العربي بعد ذلك، ومُشدّداً على أن الانتخابات الحرّة هي شرط أساسي وضروري لنجاح اي تجربة ديمُقراطيّة.
وأوضح أن كل ذلك مُرتبط بدوره بالنمو الاقتصادي والاجتماعي في الكثير من الدول العربيّة، مُؤكداً أن دولة قطر خير مثال للنجاحات التي تحققت على الصعيد الاقتصادي.


ودعا ميداني إلى إزالة الحواجز بين الدول وبناء الجسور مكانها وتصدير التكنولوجيا وإنهاء مُحاولات العزل الاجتماعي والسياسي للدول والتمييز الاجتماعي واحترام التنوّع الثقافي للإثنيّات المُختلفة والعمل على إنهاء الصراعات وحالات الدمار وسفك الدماء.
وتحدّث عن الوضع في منطقة البلقان وأهمّية التعاون بين دول المنطقة وتشجيع حُرّية التنقّل والحوار، مُشيراً إلى المُفاوضات الجارية حول كوسوفا للوصول إلى اتفاقيّة وغير ذلك من المُفاوضات مع دول أخرى في نطاق عمليّة التوسّع الأوروبي.


ورأى رئيس جُمهوريّة ألبانيا السابق أن من أسباب التطوّر الذي حدث في تلك المنطقة هو التماسُك الاجتماعي في مُواجهة التفكك والفقر على طريق الاستقرار السياسي، مُشدّداً في هذا السياق على أن التنوّع والتعدّد الثقافي عامل مُهمّ لتعزيز التماسُك الاجتماعي وللسلام في المنطقة.
من ناحيته، رأى سعادة السيّد دومينيك دو فيلبان رئيس وزراء جُمهوريّة فرنسا السابق في كلمته التي ألقاها في حفل الافتتاح الرسمي لمُنتدى الدوحة ومُؤتمر إثراء المُستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط أن العالم يعيش حالة عدم استقرار وأن أي شرارة من الممكن ان تشعل الحرب ضارباً المثال لما يحدث في المنطقة العربيّة من ثورات وربيع عربي، وكذلك ما يحدث في أفريقيا من صدامات وكراهيّة".


واعتبر أن العصر الذي نعيشه هو عصر المُواجهات والقوميّات التي تؤجّجها الصراعات القديمة، مُضيفاً "نعيش أزمة اقتصاديّة وتوترات، وحالات عدم توازن مثقلة بالديون تخلق فقاعات إقليميّة ومحليّة لذلك يجب أن نتساءل عن أسباب حالة عدم الإستقرار".
ولفت إلى أن حالة عدم الإستقرار تعود للفائض في القوّة، فالتدخّل العسكري في العراق وفشل الغرب أدّى لمزيد من العُنف لأن كل فعل له ردّ فعل .. مُضيفاً أيضاً أن من أسباب حالة عدم الإستقرار الفائض في الأيدولوجيّات الذي أدّى إلى تأجيج التعصّب فليس من الصدفة أن يتهاوى ويتفكك العالم كما في العراق وأوكرانيا وأوروبا وغيرها من الدول.


وأشار سعادة السيّد دومينيك دو فيلبان رئيس وزراء جُمهوريّة فرنسا السابق إلى أن من أسباب عدم الإستقرار وجود نظام نقدي يعتمد على عملة وطنيّة شبه عالميّة لدولة واحدة بسبب تمسّك البعض بمصالحه وعدم استحداث نظام سلة عملات كمرجعيّة جديدة، وقال "إننا بحاجة لمزيد من التنوّع لأنظمة جديدة ذات معايير عالميّة"، مُؤكداً أن الاستقرار ليس هدفاً في حدّ ذاته بل التزام، "فعلينا أن نفكر في المُستقبل ونتوقّع مُسبقاً الأزمات التي ستحصل، كما يجب أن نقيس التهديدات الإرهابيّة في مثل هذه المنطقة حيث إن هناك كثيراً من التراكمات ولدت الكراهيّة فيجب علينا التصرّف بسرعة وأن نبني تفاهمات مُشتركة ونجعل الحلول ممكنة للكثير من الأزمات التي تعصف ببعض الدول".


ودعا سعادة السيّد دومينيك دو فيلبان رئيس إلى التخفيف من مُعاناة الشعب السوري من خلال توفير المُساعدات له والعمل على إرساء عمليّة سياسيّة جديدة في البلاد، مُوضحاً أن الحوار هو الأساس لحلّ النزاعات، داعياً الدول القادرة على الاطلاع بهذا الدور.
وأضاف أن الوقت قد حان لبذل المزيد من الجهود الدبلوماسيّة والاقتصاديّة لإيجاد حلول للمشاكل، وقال إنه يتعيّن على الدول جعل مثل هذه الحلول ممكنة، مُشيراً إلى دور الأمم المُتحدة والمُنظمات الإقليميّة في هذا الصدد.


كما دعا إلى إيجاد مُعادلات جديدة كمدخل للمضي قدماً نحو الحوار والسلام في العالم.
وأهاب بالجميع التضامن والتماسُك معاً لتحقيق الإستقرار والتوازن العالمي، مُؤكداً في هذا الصدد أن مُنتدى الدوحة يقوم بدور بارز من حيث إطلاق مُبادرات جديدة في هذا السياق.

 

وكما في كل عام، سيقوم مُنتدى الدوحة بتقديم نظرة شاملة للقضايا الساخنة المتعلقة بالديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة في الشرق الأوسط، وفي الدول العربية والعالم. وعلى نطاق أوسع، سيناقش هذا المُنتدى الدولي مسائل مصيرية سياسية واقتصادية واجتماعية ومالية وأمنية واستراتيجية وبشرية في منطقة تشهد بعضاً من أهم التغييرات في تاريخها المعاصر

 

ضيوف شرف هذا العام هم نخبة متميّزة من رؤساء الدول والحكومات الحاليين. كما يتضمّن المُنتدى لفيفاً من قادة الرأي العالمي البارزين والمفكرين السياسيين وصنّاع القرار وأعضاء البرلمان ورجال الأعمال والأكاديميين والإعلاميين والخبراء، فضلاً عن ممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية، الذين سيُساهمون في النقاش الحرّ العلمي والمثير حول العديد من المواضيع المدرجة على جدول أعمال المنتدى، مع التركيز على ما بعد الربيع العربي وتحدّيات المستقبل والأزمة المالية والاقتصادية العالمية، والتعاون الدولي، وبناء الديمقراطيّة، والاقتصاد العالمي والتنمية، وحقوق الإنسان، والإعلام الرقمي

 

ويعقد منتدى الدوحة في فندق الريتز كارلتون الدوحة في دولة قطر في الفترة من 20-22 مايو 2013م، يشارك فيه حوالي 600 شخصية يمثلون أكثر من 80 بلداً ومنظمة