أخبار

الجلسة السابعة

التحوّلات المُجتمعيّة في الشرق الأوسط
ورقة عمل بعُنوان: الشباب ودورهم في رسم خارطة التغيير في العالم
أعدّ الورقة وقدّمها: سعاد فهد المعجل – جامعة الكويت – الكويت
محور النقاش هنا هو:
الشباب: دور الفكر الحديث في توجيه الأفكار الإصلاحيّة لدى الشباب

 

بتصوّري أن العُنوان هنا قد جاء معكوساً.. فالشباب حالياً هم من يقود الحراك وهم من يُشرف على عجلة التغيير.. بمعنى أن حركة الشباب العالميّة اليوم هي التي تُبادر الى طرح منهج ورؤية التغيير.. وهو المنهج الذي ترى فيه القوى الشبابيّة أنه عنوان المُستقبل القادم.

 

وقبل التطرّق إلى حركة الشباب العالميّة.. يستدعي الأمر منا هنا العودة بالتاريخ قليلاً لتسليط الضوء على منبع هذه الحركة الشبابيّة وظروف نشأتها وحقبة تشكّلها

.Catcher in The Ryeالأخرى رواية "الحارس في حقل الشوفان" أو

و حين خرّ لينون صريعاً جلس الشاب في مسرح الجريمة بُعيد قراءة الرواية في انتظار الشرطة.. ثم لاحقاً وأثناء مُحاكمته كان يرفع الرواية ويقول "هذه حُجّتي".. أما الشاب الذي حاول اغتيال ريغان فقد وجدوا كذلك من مسكنه الرواية نفسها

 

.Catcher in The Rye يرى مُتتبعوا جذور الحركة الشبابيّة العالميّة أن رواية "الحارس في حقل الشوفان"

 

قد جاءت لتشكّل أبرز ردود الأفعال للفكر الشبابي الخارج من أهوال الحرب العالميّة الثانية ..... والرواية بالرغم من عُنوانها الحالم هي رواية غاضبة وثائرة على كل مظاهر الزيف والخداع الذي يختلقه ويعيشه ويتنفّسه البشر

 

كُتبت الرواية في العام 1951م.. وتمّت ترجمتها إلى أغلب اللغات الحيّة ولا يزال يُباع منها ربع مليون نسخة سنوياً.. وقد سبق وأن تمّ حظرها ومنع تداولها بين عامي 1961م – 1982م.. بل أن مُعلّمة تمّ فصلها من عملها في العام 1960م حين استخدمتها في أحد فصولها الطلابيّة.. حتى أن البعض أخذ يُروّج حينها أن الرواية تنشر الفكر الشيوعي لدى الناشئة!!

 

كاتب الرواية "جيروم ديفيد سالينجر" وهو شاب عاصر الحرب العالميّة الثانية.. وراودته فكرة الكتابة أثناء تنقّله بين القواعد العسكريّة ما بين عام 1942م – 1944م وحيث شاركت وحدته العسكريّة في الإنزال البحري على شواطئ النورماندي!!  يقول "سالينجر" أنه وبينما كان يقبع في خنادق الحرب كانت هنالك أسئلة تراوده  حول أخلاقيّة مثل هذه الحرب.. وجدواها.. وحقيقة المُستفيدين منها وغير ذلك من تساؤلات اجتهد "سالينجر" لعله يجد إجابة عليها تخفف من غضبه!! وعندما وصل سالينجر إلى "دوفر" كان قد أنهى فصولاً ستة من روايته التي يتناول فيها وبشكل روائي مُبسّط قضيّته وقضيّة جيل الحرب العالميّة الثانية وبكل ما أثارته في نفسه وأبناء جيله من قلق وتوتر وغضب وشعور عارم بالغربة والاغتراب!! الرواية باختصار تتناول قصّة شاب في السادسة عشر يجد نفسه تائهاً في شبكة التناقضات والإحباطات الاجتماعيّة والسياسيّة والتربويّة بل وحتى الجنسيّة من حوله!!

 

الكثير يرى أن الحركة الشبابيّة التي اجتاحت أمريكا وأوروبا هي ردّة فعل غاضبة وثائرة على حربين عالميّتين مُدمّرتين وأن الفكر والثورة التي عبّر عنهما سالينجر في روايته قد شكلتا المُحرّك الرئيسي للحركة الشبابيّة التي تمخّضت عنها حركات مُختلفة كحركة السلام إبان الستينيّات والثورة الطلابيّة في فرنسا عام 1968م.. والثورة البُرتقاليّة من أوكرانيا عام 2004م ضد الفساد الذي شاب الانتخابات!!! هذه الاحتجاجات كلها تُعبّر عن حالة شبابيّة واحدة جديدة وخارجه من رحم الرفض الشبابي العارم للحروب وللفساد ولسيطرة رأس المال ولسلطة رجل السياسة إلى آخره

 

هذه المجاميع الشبابيّة أصبحت واعية تماماً لجميع التناقضات الكامنة في مُجتمعاتهم. وبالرغم من الفروقات الظاهرة بين هذه الحركات الاحتجاجيّة الشبابيّة إلا أن هنالك سمات مُشتركة تجمع بينها جميعاً سواء ما يتعلق بأهداف الثورة أو بالمسائل التي من أجلها قامت تلك الثوره!! بل أن هنالك مظهراً واضحاً يعكس حجم التواصُل بين هذه الحركات فعلى سبيل المثال أطلق المُحتجّون من الشباب الإنجليزي الذين تظاهروا في ساحة كاتدرائيّة سانت بول في لندن.. أطلقوا اسم ميدان التحرير على أحد مواقعهم في إشارة إلى تعاطفهم ودعمهم كحركة شبابيّة لنظيرتها في قلب العاصمة المصريّة!! 

 

العالم العربي قطعاً ليس بمعزل أبداً عن مثل هذه الأحداث والتغيّرات والتطوّرات في الفكر الشبابي الجديد.. فثورات الربيع العربي التي أشعلتها وقادتها القوى الشبابيّة في أكثر من عاصمة عربيّة ما هي سوى امتداد لظاهرة التمرّد الشبابي على السلطة التقليديّة بكافة أنواعها.. وأيضاً على الجُمود حين جاء أول رئيس أسود إلى البيت الأبيض بعد أكثر من 150 سنة على صدور قانون تحرير العبيد أمريكا عام 1862م.. وبعد 50 عاماً على حلم ومسيرة مارتن لوثر كنج ضد التمييز العُنصري في العام 1964م!! اتفاقنا او اختلافنا مع طرح هذه الفئات الشبابيّة هو أمر ثانوي لكن الجميع يتفق بأن الشباب أصبح لهم ريادة ودور في مسيرة التغيير  وأنهم بالفعل قد نجحوا في القفز على معايير الفكر التقليدي لتتوافق مع إفرازات عصر العولمة وثورة التكنولوجيا والتواصل الرقمي!! هذه حقيقة لا يُمكن أن ينكرها أي مُتابع  بشكل موضوعي وحيادي للشأن الشبابي!! 

 

أوباما فاز باعتماده على الشباب فقط الذين جمعوا الملايين لدعم حملته.. وليس على اللوبي التقليدي!! كما رأينا كيف أسقط الشباب العربي من قلب الساحات والميادين أربعة رؤساء عرب في مظهر شكّل تغيّراً نوعيّاً في فلسفة الثورة وفي فكر ووعي المُواطن العربي!! بل وحتى في دول الخليج والتي راهن البعض على أنها بمعزل عن الحراك الشبابي العالمي.. وأن ربيع العرب سيغرق في حقول نفطها الشاسعة.. كانت هناك تحرّكات شبابيّة كالتي حدثت في  البحرين وفي الكويت وحيث نجح الحراك الشبابي في إسقاط  رئيس الوزراء في سابقة تعدّ جديدة على المُجتمع الكويتي!! المثال الكويتي هنا يأتي مُعبّراً عن مغزى حديثنا هذا فالكويت دولة ثريّة والمُواطن يتمتع بامتيازات كثيرة من تعليم مجّاني ورعاية صحّية مجّانية ورفاهيّة لكن كل هذه الامتيازات لم تنجح في التأثير على  يقين الشباب الكويتي لأهمّية حقوقه  ومُكتسباته الدستوريّة  وقدسيتها فكان أن حدث هذا الحراك الشبابي في الكويت حين رأى آلاف الشباب الذين خرجوا إلى الساحات في تحدّي واضح للإجراءات الأمنيّة في مرسوم الضرورة الذي أصدره الأمير بتقليص عدد الأصوات من أربعة إلى واحد أمراً يتعارض مع حقوقهم الدستوريّة وأن حرّيتهم أصبحت على المحك!! 

 

لم يعد هاجس الشباب اليوم مُقتصراً على السياسة فقط وكما كان الحال في فكر المُخضرمين التقليدي.. فالحراك الشبابي اليوم يتعامل مع كافة أشكال الشأن العام.. بما في ذلك الحق في بيئة نظيفة.. وحقوق الإنسان.. وتمكين المرأة..وحقوق الحيوانات.. ومُكافحة الفساد والبيروقراطيّة وحق الرعاية الصحّية..

 

إذاً وفي ظلّ واقع جديد تعيشه البشريّة اليوم وتلعب فيه أغلبيّة سكان الأرض والذين هم من الفئات الشبابيّة تحت 40 - 30 عاماً دوراً رياديّاً فاعلاً في مسيرة التغيير والتطوّر البشري.. في ظلّ مثل هذا الواقع.. جدير بنا التعامُل بحكمة مع شروطه.. فالمدّ الشبابي العارم أصبح أقوى وأكبر من أن يتمّ تجاهله أو نفيه أواللجوء إلى إسقاط المفاهيم التقليديّة لشروط وطبيعة التغيير على  فهمنا لهذا الحراك الشبابي.. كمُحاولة البعض التقليل من شأن هذا المدّ الشبابي لكونه بلا قيادة مثلاً أو أن هؤلاء الشباب لا يحملون أجندة ومشروع فاعل!! مثل هذه الرؤى لن تنجح في كبح المدّ الشبابي وحراكه بل ستزيده تحدّياً وإصراراً لأنهم يُدركون أنهم هم من يملك المُستقبل وأن من حقهم أن يكون دورهم فاعلاً وليس شكليّاً في صياغة هذا المستقبل!!

 

 

 

 

وكما في كل عام، سيقوم مُنتدى الدوحة بتقديم نظرة شاملة للقضايا الساخنة المتعلقة بالديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة في الشرق الأوسط، وفي الدول العربية والعالم. وعلى نطاق أوسع، سيناقش هذا المُنتدى الدولي مسائل مصيرية سياسية واقتصادية واجتماعية ومالية وأمنية واستراتيجية وبشرية في منطقة تشهد بعضاً من أهم التغييرات في تاريخها المعاصر

 

ضيوف شرف هذا العام هم نخبة متميّزة من رؤساء الدول والحكومات الحاليين. كما يتضمّن المُنتدى لفيفاً من قادة الرأي العالمي البارزين والمفكرين السياسيين وصنّاع القرار وأعضاء البرلمان ورجال الأعمال والأكاديميين والإعلاميين والخبراء، فضلاً عن ممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية، الذين سيُساهمون في النقاش الحرّ العلمي والمثير حول العديد من المواضيع المدرجة على جدول أعمال المنتدى، مع التركيز على ما بعد الربيع العربي وتحدّيات المستقبل والأزمة المالية والاقتصادية العالمية، والتعاون الدولي، وبناء الديمقراطيّة، والاقتصاد العالمي والتنمية، وحقوق الإنسان، والإعلام الرقمي

 

ويعقد منتدى الدوحة في فندق الريتز كارلتون الدوحة في دولة قطر في الفترة من 20-22 مايو 2013م، يشارك فيه حوالي 600 شخصية يمثلون أكثر من 80 بلداً ومنظمة