أخبار

جلسة منتدى الدوحة تبحث تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وتشير إلى تعمّق الشقاق في سوريا وما بين الإسرائيليين والفلسطينيين

 

 

- وزير الخارجية الفرنسي السابق فيدرين: قوة الولايات المتحدة الأمريكية في تراجع، لكننا بحاجة إلى الحفاظ على مشاركتها

- باسكال بونيفاس: نحن أمام تشكّل عالم جديد لا يمكن فيه لأي قوة أن تفرض هيمنتها الأحادية

- السفير الأمريكي السابق لي بارون: قد تتراجع العلاقات الأمريكية-الخليجية "الحيوية" خلال العشرين عاماً القادمة

- السفير البريطاني السابق كووبير-كولز: تكشّف تسويات الشرق الأوسط ما بعد الحرب العالمية الأولى، على القوى الغربية أن تساعد مصر وسوريا والفلسطينيين والإسرائيليين على تجاوز المراحل الصعبة

- المحللة الروسية سوبونينا: الولايات المتحدة الأمريكية فشلت في العراق وأفغانستان، وعليها العمل مع روسيا والآخرين

 

 

الدوحة 20 مايو / أيار 2013م
أجمع المتحدّثون المجتمعون في منتدى الدوحة يوم الإثنين، بهدف مناقشة التحديات الجيوسياسية الراهنة التي تواجه العالم العربي، على أنّ القوة الأمريكية قد دخلت مرحلة جديدة من التراجع في الخليج والشرق الأوسط بشكل عام، وإن كانوا عبّروا أيضاً عن مخاوفهم وقلقهم ممّا قد يعنيه ذلك لمصر ما بعد الربيع العربي، وسوريا، وأيضاً لمستقبل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

 

وحملت الجلسة عنوان "العرب والتحديات المستقبلية في عالم متغير: نظام عالمي جديد"؛ وقد تحدّث فيها أولاً وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين، ورأى أن "الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد قوة خارقة بعد اليوم.. بل هي تعيش حالة من التراجع النسبي، يعود ذلك في جزء منه إلى صعود الآخرين"، مضيفاً: "لكني أعتقد أننا بحاجة إلى بقاء الولايات المتحدة الأمريكية في انخراطها مع العالم، نحتاج إلى مشاركة معقولة وليس إلى أحادية. إن التعددية هي ما نحتاجه من الولايات المتحدة الأمريكية ... فالنظام العالمي (الجديد) لا يزال قيد البناء".

 

بدوره، قال باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (ايريس) في باريس: "منذ نهاية الحرب الباردة، أدركنا أن الولايات المتحدة لا تسيطر على العالم بل أن العالم مجزءٌ بشكل كبير، وليست هناك أنظمة عالمية قادرة على فرض هيمنتها عليه".

 

وفي إشارة إلى القوى الاقتصادية والسياسية الصاعدة؛ البرازيل وروسيا والهند والصين، أضاف بونيفاس: "لم يشهد العالم الغربي نهاية لوجوده، ولكنه شهد نهاية لهيمنته. إن الولايات المتحدة وأوروبا لن تصبحا ضعيفتين... علينا أن نقرّ بالحقيقة الجديدة. ويمكننا أن نعمل مع دول البريك لأن هناك فرص لذلك، ولكن علينا أن نغير من عاداتنا وآليات عملنا حتى نصبح من ضمن المتسابقين".

 

ثمّ تحدّثت يلينا سوبونينا من المعهد الروسي للأبحاث الاستراتيجية في موسكو عن ترحيب روسيا بمقاربة تعدد الأطراف التي باتت واشنطن تعتمدها بشكل متزايد، وقالت إن القوة الأمريكية وحدها فشلت في حل مشاكل عالمية كبرى. وأشارت إلى التدخل الأمريكي في العراق وأفغانستان كمثالين. يشار إلى أنه من المقرر أن تسحب واشنطن قواتها من أفغانستان العام المقبل منهية بذلك غزوها الذي بدأ في سنة 2001 عقب هجمات الحادي عشر من أيلول من سبتمبر، وكانت واشنطن قد غزت العراق في سنة 2003 وانسحبت منه رسمياً سنة 2011.

 

وخاطبت سوبونينا المشاركين في المنتدى  بقولها "لم يتمكن الأمريكيون بعد من الظفر بالسلام في أفغانستان او العراق، وفشلوا في تحقيق الاستقرار في هاتين الدولتين وما حولهما". وأضافت أن "روسيا تدعم التحرك الجماعي والتحركات السلمية لحل النزاعات واستخدام القوة الناعمة بدلاً من التدخل المباشر".

 

وفي رد على سؤال من أحد الحاضرين حول دعم روسيا لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد، قالت سوبونينا إن روسيا تعارض التدخل المباشر في دولة ذات سيادة، وأشارت إلى أن واشنطن تبدي حالياً قلقها إزاء مستقبل سوريا. وأضافت: "قالت روسيا مراراً إنها لا تؤيد الأسد شخصياً ولكننا لا يجب أن نجبره على الرحيل، ولا أعتقد أن أياً كان يمكنه إجباره على ذلك"، متابعة بقولها: "كما أن الولايات المتحدة تبدي تحفظها عادة وبشكل متزايد حالياً تجاه ما يحدث في سوريا، وهذه هي النقطة المشتركة بين أمريكا وروسيا وفرنسا وغيرها".

 

وفي وقت سابق، كان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد دعا المجتمع الدولي للتحرك لوقف "المأساة المروعة" التي دخلت عامها الثالث في سوريا. وقال الأمير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى إن الحكومة السورية واصلت استخدام الحل العسكري وتجاهلت "صوت المنطق". يشار إلى أن قطر هي من الداعمين الرئيسيين للمعارضة السورية التي تحاول الإطاحة بالأسد.


من جهة أخرى، قال السفير الأمريكي السابق ريتشارد لي بارون، الباحث الزائر في مجلس الأطلسي، إن تراجع النفوذ الأمريكي من شانه أن يفرض قيوداً على العلاقات الأمريكية-الخليجية خلال العقدين المقبلين فيما تحاول واشنطن حث حلفائها على التوصل لعقد اجتماعي جديد مع شعوبها. كما تطرق لموضوع المجتمعات الكبيرة للمغتربين في دول الخليج، الذين أسهموا بشكل كبير في بناء مدن الخليج العربية الحديثة وإدارتها.

 

وقال لي بارون: "هناك حاجة واضحة لحوار أوسع على كافة المستويات حول تطور النماذج السياسية في دول الخليج... خلال العشرين عاماً القادمة.علينا أن نمتلك الثقة كشركاء ناضجين للدخول في حوار صريح وصادق حول السياسة والأنظمة السياسية". وأضاف أن "التغيير أمر لا يمكن تجنبه في أية منطقة ولكنه ليس أمراً لا يمكن التعامل معه... ما لم تكن طموحاتنا كبيرة فإن إنجازاتنا ستكون محدودة وقد لا تكون قادرة على إدامة هذه العلاقة الحيوية في السنوات المقبلة".

 

وتابع قائلاً: "لدينا في الولايات المتحدة ظاهرة متنامية من فقراء الطبقة العاملة... ومن هم في مساحة الإهمال الواسعة للعمالة غير المسجلة. الغالبية العظمى ممن يقومون بمعظم العمل في الخليج يأتون من مكان آخر... هذه الإجراءات ليست قادرة على الاستمرار أكثر من نظام الهجرة المتصدع في الولايات المتحدة".

 

ثمّ وضع شيرارد كووبير-كولز، السفير البريطاني السابق في إسرائيل والسعودية والممثل الخاص لوزارة الخارجية البريطانية في أفغانستان وباكستان في 2009-2010، أحداث المنطقة في سياق دراماتيكي في ضوء التدخل الأمريكي الفاشل في العراق والأحداث التي تكشفت خلال الربيع العربي، قائلاً إن ما تشهده المنطقة ليس أقل من تفكك النظام العربي الذي أسسته القوى الغربية بعد الحرب العالمية الأولى.

 

وأضاف إن فشل الدول الغربية في إدراك هذا الأمر والعمل بموجبه من شأنه أن يزيد النزاع العنيف سوءاً، وأشار إلى فشل بريطانيا والقوة التي ورثتها في المنطقة، أي الولايات المتحدة، في ضمان دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

وقال كووبير: "إن القوى الكبرى للتاريخ تتكشف أمامنا بينما نلتقي في الدوحة هذا المساء"، متابعاً: "نحن نرى بداية نهاية أمريكا كالقوة العظمى المنظمة للشرق الأوسط. بعد حملتين فاشلتين في بلاد الرافدين (العراق) وواحدة في جنوب غرب آسيا (أفغانستان/ باكستان)، أمريكا تنسحب. هاتان الحربان كانتا خطيئة الاقتراف، وفي فلسطين ما زالت لدينا خطيئة الإهمال، الفشل في معالجة المشكلات التي صنعتها بريطانيا والولايات المتحدة".

 

وقال الدبلوماسي البريطاني: "جميعنا نعرف ما الذي يجب فعله لأجل إسرائيل في فلسطين، جميعنا نعرف ما الذي يجب فعله للشعب البائس لأجل سوريا. جميعنا نعرف أننا بحاجة إلى المزيد من الدبلوماسية وليس إلى قدر أقل منها، وتدخل أمريكا فوق كل شيء... جميعنا نعرف ما الذي يجب فعله ولكن كلاً منا يسأل نفسه فيما إذا كانت الإرادة ما تزال موجودة، وتحديداً في واشنطن".

 

 

- المتحدثون في منتدى الدوحة يشيرون إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، آملين أن تتخذ مقاربة متعددة الأطراف

- دبلوماسي بريطاني يقول إن نظام المنطقة يتفكك، معرباً عن خشيته من المزيد من النزاعات بدون تدخل الولايات المتحدة

- محللة روسية: الولايات المتحدة غيّرت موقفها باتجاه الموقف الروسي الحذر بشأن النزاع في سوريا

 

 

 

 

 

وكما في كل عام، سيقوم مُنتدى الدوحة بتقديم نظرة شاملة للقضايا الساخنة المتعلقة بالديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة في الشرق الأوسط، وفي الدول العربية والعالم. وعلى نطاق أوسع، سيناقش هذا المُنتدى الدولي مسائل مصيرية سياسية واقتصادية واجتماعية ومالية وأمنية واستراتيجية وبشرية في منطقة تشهد بعضاً من أهم التغييرات في تاريخها المعاصر

 

ضيوف شرف هذا العام هم نخبة متميّزة من رؤساء الدول والحكومات الحاليين. كما يتضمّن المُنتدى لفيفاً من قادة الرأي العالمي البارزين والمفكرين السياسيين وصنّاع القرار وأعضاء البرلمان ورجال الأعمال والأكاديميين والإعلاميين والخبراء، فضلاً عن ممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية، الذين سيُساهمون في النقاش الحرّ العلمي والمثير حول العديد من المواضيع المدرجة على جدول أعمال المنتدى، مع التركيز على ما بعد الربيع العربي وتحدّيات المستقبل والأزمة المالية والاقتصادية العالمية، والتعاون الدولي، وبناء الديمقراطيّة، والاقتصاد العالمي والتنمية، وحقوق الإنسان، والإعلام الرقمي

 

ويعقد منتدى الدوحة في فندق الريتز كارلتون الدوحة في دولة قطر في الفترة من 20-22 مايو 2013م، يشارك فيه حوالي 600 شخصية يمثلون أكثر من 80 بلداً ومنظمة